التأثيرات الوقائية لفيتامين د3 (كوليكالسيفرول) على الضرر التأكسدي السميّ الكلويّ المحرّض بالفانكومايسين عند الجرذان دراسة علمية

يعتبر الفانكومايسين Vancomycin (VCM) أحد أهم الصادات الحيوية المستخدمة في المشافي لفعاليته العالية ضد الجراثيم العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسلين المكتسبة من المشافي hospital-acquired methicillin-resistant Staphylococcus aureus إضافة إلى المكورات العقدية والمعوية وغيرها.

واعتمد على الفانكومايسين مؤخراً في معالجة الإنتانات الثانوية لدى المرضى المصابين بفيروس COVID-19، ولسوء الحظ ارتبط العلاج بالفانكومايسين بحدوث السمية الكلوية لدى المرضى، ويعتبر الإجهاد التأكسدي الخلوي أحد الآليات الجزيئية الرئيسيّة لحدوث السميّة الكلويّة المرتبطة بالفانكومايسين.

ويعد فيتامين د من الفيتامينات المنحلّة بالدّسم، كما يعد د3 (الكولكالسيفرول) أحد أهم النظائر الطبيعية لفيتامين د ويتميز بتأثيرات فيزيولوجية واسعة على مستوى العظام والأمعاء والقلب والأوعية الدموية والجهاز المناعي والكلية وغيرها. ويتمتع فيتامين د بتأثير مضاد للأكسدة من خلال عدد من الآليات منها تنظيم التعبير عن الأنزيمات المضادة للأكسدة ومن أبرزها أنزيم superoxide dismutase (SOD)، والتقليل من أكسدة الليبيدات الغشائية، وإزالة الجذور الحرة الخلوية.

 وفي هذا السياق أُجريت دراسة على حيوانات التجربة in vivo في كلية الصيدلة بالشراكة مع كلية طب الأسنان - جامعة دمشق وبالتعاون مع مركز الدراسات الوبائية والبيولوجية لطفيليات الليشمانيا، وهيئة الطاقة الذرية السورية بعنوان "التأثيرات الوقائية لفيتامين د3 (كوليكالسيفرول) على الضرر التأكسدي السميّ الكلويّ المحرّض بالفانكومايسين عند الجرذان" والجدير بالذكر أن هذه الدراسة هي أول دراسة منشورة (in-vivo) تطرقت لتقصّي تأثير فيتامين د3 الوقائي في ردع السميّة الكلويّة المحرّضة بالفانكومايسين.

تطرقت الدراسة إلى أن الفانكومايسين صاد حيوي مشفوي لا غنى عنه في الحالات المهدّدة للحياة، وإنّ المشكلة الأساسيّة المترافقة مع العلاج بالفانكومايسين هي السميّة الكلويّة التي تظهر عند التسريب الوريدي، ولكي نستمر باستخدام هذا الصاد الحيوي بأمان أكثر عند المرضى لابدّ لنا من إيجاد عوامل وقائية تحد من هذه السمية الكلوية. وبما أن فيتامين د يتدخل في مسارات خلوية عديدة ومنها المسار المضاد للأكسدة ويتمتع بتأثرات حامية للكلية توجهت هذه الدراسة لتحرّي نجاح فيتامين د كعامل وقائي ضد السمية الكلوية المحرضة بالفانكومايسين.

أجريت الدراسة على 21 جرذ أبيض ذكر بالغ من فصيلة Wistar Albino، تم التعامل معها وفق المبادئ التوجيهية للمعاهد الوطنية للصحة لرعاية واستخدام حيوانات المختبر National Institutes of Health (NIH)، وقُسّمت الجرذان عشوائياً إلى ثلاث مجموعات يحتوي كل منها على 7 جرذان، حيث شملت المجموعة الأولى الجرذان الطبيعيين غير المعرضين للأدوية، وشملت المجموعة الثانية جرذان حُرّض لديهم سميّة كلويّة من خلال حقن الفانكومايسين داخل الصفاق، والمجموعة الثالثة أعطيت جرعات وقائية من فيتامين د3 (كوليكالسيفرول) فموياً واستمر الإعطاء لمدة 14 يوم متواصل. فُحصت الكلى عيانياً لتحديد التغيّر الشكلي في الكلية وسُحبت عينات الدم من الجرذان لإجراء إختبارات الوظيفة الكلوية (الكرياتينين، البولة)، كما استخرجت الكلى لإجراء اختبارات تحرّي معالم الشدة التأكسديّة (أكسدة الليبيدات الغشائية عن طريق مستويات malondialdehyde، ومقايسة فعالية أنزيم Superoxide dismutase)، كما تم إجراء دراسة نسيجيّة كلويّة مفصّلة اشتملت سبعة معالم أساسيّة تُبرز توضّع ونوعيّة الضرر في الكلية بشكل دقيق.

كما أظهرت الدراسة العيانية اختلافاً واضحاً في شكل الكلية عند الجرذان المصابة بالسمية الكلوية، وتراجعت هذه المظاهر العيانية المرضية عند الجرذان المعالجة بفيتامين د، وأظهرت الاختبارات الكلوية تحسناً واضحاً في الوظيفة الكلوية عند الجرذان المعالجة بفيتامين د بالمقارنة مع أولئك الغير المعالجين.

وتراجعت معالم الإجهاد التأكسدي وأكسدة الليبيدات الغشائية والالتهاب الكلوي، وارتفعت فعالية الأنزيم المضاد للأكسدة SOD ارتفاعاً يعتد به إحصائياً عند جرذان المجموعة المعالجة بفيتامين د بالمقارنة مع المجموعة المرضية التي تلقت الفانكومايسين فقط

وأثبتت هذه الدراسة أن لفيتامين د تأثيرات إيجابية وقائية ضد السمية الكلوية المحرضة بالفانكومايسين، فمن الممكن أن يخفف إعطاء فيتامين د السمية الكلوية الناتجة عن المعالجة الوريدية بالفانكومايسين لدى مرضى COVID-19 ويترتب على ذلك إجراء المزيد من الدراسات السريرية.