تحت عنوان التغيرات السكانية في سورية وأبعادها التنموية انطلاق فعاليات اسبوع العلم الحادي والخمسين

انطلقت في الثاني والعشرين من تشرين الثاني  فعاليات أسبوع العلم الحادي والخمسين بعنوان مؤتمر التغيرات السكانية في سورية وأبعادها التنموية الذي يقيمه مجلس التعليم العالي بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين والمختصين من الجامعات والهيئات والمراكز البحثية الوطنية والعربية والأجنبية المختصة وذلك فى مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.
ويأتي انعقاد المؤتمر في إطار الجهود التي تبذلها سورية لرسم سياسة سكانية وطنية شاملة لمواجهة معدل النمو السكاني والبالغ 4ر2 بالمئة سنويا والذي يعد من المعدلات العالية على مستوى العالم أي بزيادة أكثر من 500 ألف نسمة سنويا.
وأشار وزير التعليم العالي الدكتور عبد الرزاق شيخ عيسى إلى أن سورية تندرج ضمن الدول ذات المعدلات العالية للنمو السكاني على مستوى العالم ما يبرز عناصر المشكلة السكانية والتي يمكن تلخيصها في الارتفاع المطرد في حجم الزيادة السكانية السنوية واختلال التوزع الجغرافي للسكان بما يخلقه من ضغوط متزايدة على مصادر الطاقة والسكن في المدن الرئيسية وتدني الخصائص النوعية السكانية.
وقال شيخ عيسى إنه إذا كانت سورية فيما مضى استطاعت استيعاب الزيادة السنوية للسكان وامتصاص المشكلات المرافقة لهذه الزيادة فإن جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن ذلك سيكون متعذرا في المرحلة القادمة ما يوجب اتخاذ إجراءات كمية ونوعية تؤثر في اتجاهات النمو السكاني وفي نوعية الخصائص السكانية بما يسهم في تحويل تحديات المسالة السكانية من مخاطر إلى فرص تنموية تسهم في معالجة ازدياد أو تفاقم ظواهر الفقر والبطالة والهجرة والسكن العشوائي.
وأضاف أن وزارة التعليم العالي قامت بالتوازي مع الاهتمام بحل مشكلات الكثافات السكانية وتحقيق تنمية متوازنة على مستوى سورية بالتوسع في إنشاء الكليات في مختلف المدن لتشكل نواة لجامعات مستقبلية وأولت العناية بإنشاء الجامعات الخاصة في المدن الصغيرة بهدف إعادة توزيع السكان وتخفيف الضغط عن المدن الكبيرة وخلق فرص عمل في هذه المدن إلى جانب تعزيز دور الكليات الطبية والمشافي الجامعية بالتعاون مع مشافي وزارة الصحة في تنظيم الأسرة وتخفيض معدلات الوفيات لدى الأمهات والأطفال حديثي الولادة والرعاية الصحية للمسنين.
من جانبها رأت الدكتورة إنصاف حمد رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن السياسات والخطط التنموية افتقرت في الماضي إلى مكون أساسي وهو سياسة سكانية وطنية منسقة ومتكاملة ولم تصل إلى درجة الاعتراف بالمشكلة إلا مؤخرا ومنذ بضعة سنوات فقط حيث شهد الملف السكاني انتقالا من إدراك حجم المشكلة إلى الاعتراف بها علنا ومن ثم إلى ضرورة التصدي لها عبر سياسات شاملة ومتكاملة تضمن تحقيق حل تنموي مستدام لجوانب المسالة السكانية
وقالت إن مشروع السياسة السكانية خرج إلى النور عبر نقاش علني شارك فيه المعنيون على المستويات كافة وستتم مناقشته وإقراره في اجتماع اللجنة الوطنية للسكان والذي من المتوقع انعقاده قريبا مع الأخذ بعين الاعتبار أن النتائج الملموسة لأي سياسة سكانية لا تظهر قبل 10 إلى 15 سنة بعد إقرارها والبدء بتنفيذها.
وأضافت أن الهيئة ومن موقعها كأمانة فنية للجنة الوطنية للسكان برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزارات والهيئات والجهات ذات الصلة بالملف السكاني اتبعت منهجية علمية تعتمد على تعزيز الإحاطة والمعرفة بمختلف جوانب الواقع السكاني والإسري عبر إنجاز أبحاث ترصد هذا الواقع وتحلله وفي هذا المجال أنجزت تقرير حالة سكان سورية الأول 2008 وتقرير حالة سكان سورية 2010 حول موضوع النافذة الديمغرافية الذي سيتم إشهاره مركزيا خلال الشهر القادم وأوضحت حمد أن هذه المنهجية تركز على إعداد الاستراتيجيات والسياسات والخطط والبرامج استنادا إلى نتائج الدراسات والأبحاث المنجزة وبناء قواعد وإعداد بيانات وخرائط سكانية لتوفير مؤشرات مساعدة في رصد وتتبع تنفيذ وتقييم السياسة السكانية بالإضافة إلى لحظ مسالة بناء القدرات الوطنية اللازمة لذلك ورفع مستوى الوعي بالقضايا السكانية.
بدوره أشار الدكتور محمد عامر مارديني رئيس جامعة دمشق إلى أن المؤتمر يعد انخراطا أعمق في قضايا المجتمع وبشكل خاص في مسألة التغيرات السكانية وأبعادها التنموية والتي تكاد تكون التحدي الأول للتنمية في سورية موضحا أن الدولة تؤكد في خططها الإستراتيجية الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية على سياساتها وبرامجها القطاعية المعالجة الرشيدة للمعدلات العالية من النمو السكاني في سورية.
وأضاف: أن جامعة دمشق معنية بشكل مباشر بالمساهمة في حل مسألة النمو السكاني عن طريق عقد مؤتمرات وندوات وورشات عمل تساهم في تبادل الخبرات وتطوير الكفاءات وبخاصة في مجالات التخطيط وتسخير البحوث العلمية لخدمة هذه المشكلة.
وأكد الدكتور واثق رسول آغا رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر أن سورية شهدت في العقود الأخيرة تطورات علمية وتقانية كبيرة فتوسعت الجامعات أفقيا وأحدثت جامعات وهيئات ومراكز وطنية للبحث العلمي وانشئت البنى التحتية الداعمة وتضاعف عدد الباحثين ما زاد النشاط العلمي إلى درجة أدت إلى إجراء تطوير نوعي في توجهات أسبوع العلم فأصبح يقوم على موضوع واحد من حقول المعرفة يتناول قضية تتمتع بأبعاد تنموية وتعالج مسائل حيوية تخدم المسيرة العلمية كالمسألة السكانية.
وقال إن سورية تبذل قصارى جهدها لمواجهة المسألة السكانية بأبعادها كافة وخاصة التنموية منها من خلال رسم سياسة سكانية وطنية شاملة وانطلاقا من ذلك حدد للمؤتمر هدف واضح وهو تحليل الواقع السكاني في سورية وتغيراته الديموغرافية ومنعكسات هذه التغيرات على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتبعة في مواجهتها وصولا إلى تعزيز واغناء الجهود المبذولة لصياغة سياسة سكانية رشيدة وواقعية تحقق التنمية المستدامة.
وعرض الدكتور موسى الغرير من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق ورقة مفتاحية حول تحديات المسالة السكانية التي تتمثل في تحديات ديموغرافية لجهة سمات النمو السكانية ومستوى الخصوبة والوفيات والهجرة والاقتصادية فيما يتعلق بحجم الدخل والادخار المنخفض ومعدل الإعالة الاقتصادي المرتفع بينما تتمثل التحديات الاجتماعية في زيادة نسبة البطالة والفقر واتساع ساحة انتشاره إلى جانب الأمية والتبدل في مفهومها.
وبين أن المسالة بواقعها الراهن تتمثل في الزيادة في معدل النمو السكاني والخلل في التوزع الجغرافي السيئ للسكان بمعنى سوء توزيع الموارد عليهم ما خلق تحديات تعرف بالتحديات السكانية أفرزت تشعبات في مجالات متعددة كالمياه والموارد الغذائية والطاقة والبيئة والتنمية مشيرا إلى أن كل ذلك لا يعني بأي حالة التشاؤم وعدم القدرة على المعالجة لأن الطاقات التنموية في سورية عديدة ومتنوعة يوفرها الموقع الاستراتيجي والموارد المتاحة ويمكن استثمارها في التصدي لهذه التحديات.
وافتتح على هامش المؤتمر معرض التوعية البيئية وأهميتها في نشر الوعي بين السكان في الحفاظ على الموارد أقامته وزارة الدولة لشؤون البيئة.
حضر انطلاق الفعاليات وافتتاح المعرض عضوا القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور ياسر حورية رئيس مكتب التربية والطلائع والتعليم العالي وشهناز فاكوش رئيسة مكتب المنظمات الشعبية وأمين فرع جامعة دمشق للحزب وعدد من رؤساء الجامعات ونوابهم ومن معاوني الوزراء وعمداء وأساتذة الكليات وعدد من اعضاء المنظمات الشعبية و الباحثين والأكاديميين من مختلف الجامعات وهيئات ومراكز البحث العلمية.
وتعرض في المؤتمر 61 ورقة علمية مقدمة من باحثين سوريين ومن 6 دول عربية هي العراق ولبنان ومصر و السودان و تونس والجزائر تتناول مراحل التحول الديموغرافي في سورية والأبعاد التنموية للمسألة السكانية الاجتماعية والاقتصادية الملحة إلى جانب تجارب الدول في القضايا السكانية المماثلة كما تعقد على هامش المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام ندوتان علميتان وورشة عمل تتناول قضايا الشباب والمشاركة المجتمعية وقضايا الصحة الإنجابية ومنهجيات السياسات السكاني



عداد الزوار / 801342817 /